الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال سبحانه وتعالى:( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب).
أيها المسلمون: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن لجسدك عليك حقا، ولربك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا... فأعط كل ذي حق حقه». ومن حقوق البدن أن يدفع عنه الإنسان الضعف والوهن، فـ «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف». وإن التحلي بالقوة البدنية، والصحة الجسدية يكون عونا للإنسان في حياته، فيقوم بأعماله، وأداء واجباته، ويساعد بها الآخرين، وقد ذكر الله تعالى قصة نبي الله موسى عليه السلام حين ورد ماء مدين فـ( وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير). أي: لا يستطيع لكبر سنه وضعف قوته أن يسقي ماشيته، مما دفع ابنتيه إلى تحمل مشقة السقيا أداء لواجبهما تجاه أبيهما، فأعانهما موسى عليه السلام بقوته، فأزاح صخرة كبيرة كانت على البئر، فسقى للمرأتين الضعيفتين فرجعتا سريعا إلى أبيهما، فأخبرتاه، و( قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين). أي نحتاج إليه في العمل والقيام على حفظ الماشية، فللقوة البدنية دور مهم في تحقيق الإنجازات، وقد طلبها ذو القرنين من الذين استعانوا به في بناء سد يفصل بينهم وبين المفسدين، فقال لهم:( فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما). يعني: أعينوني بقوة أبدانكم. فتكاتفت قوتهم، فكان ذلك أسرع في إنجاز السد، فالقوة البدنية مطلب من أراد أن يقبل على الحياة بهمة وإيجابية، فيعمر الأرض، ويبني الحضارات.
ومن الصفات التي مدح بها القرآن الكريم طالوت أن الله عز وجل وهبه القوة الجسدية (وزاده بسطة في العلم والجسم). فكان ذلك من مقومات نجاحه وتميزه.
أيها المصلون: إن ممارسة الرياضة تزيد من قوة الإنسان البدنية، وتبعث فيه النشاط والحيوية، وأنواع الرياضة كثيرة، وأيسرها وأهمها رياضة المشي، وهي تناسب جميع الأعمار، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتنم رواحه ومجيئه بالمشي السريع، فكان إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب. أي : يمشي مشيا قويا سريعا.
والمشي السريع يوصي به الأطباء؛ لتفادي كثير من الأمراض، فهو يساعد على ضخ الدم إلى جميع أجزاء الجسم، فتتولد الطاقة والحيوية، ومما يعين على المداومة والاستمرار في رياضة المشي أن يشجع الأصدقاء بعضهم بعضا عليها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي مع أصحابه رضي الله عنهم، وكذلك كان يمشي مع زوجاته رضي الله عنهن.
والجري رياضة مهمة حظيت باهتمام النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يفعل صلى الله عليه وسلم ذلك بنفسه، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر؛ قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال:« هذه بتلك السبقة».
عباد الله: وقد دعانا النبي صلى الله عليه وسلم إلى العناية برياضة الرمي؛ لما لها من أثر كبير في دفاع المرء عن وطنه، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول :« ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي».
والرماية من مستلزمات الجندية، التي تتطلب الجسم الرياضي.
وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر يتسابقون في رياضة الرمي، فقال صلى الله عليه وسلم :« ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا».
أيها المسلمون: إن الفروسية من الرياضات التي اعتنى بها الإسلام، فلها أثر مهم في بناء الجسم والشخصية، وتنمية روح الإقدام، والقدرة على مواجهة التحديات، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقيم لها المسابقات، فعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بالخيل.
وفي الحديث مشروعية المسابقة، وأنها من الرياضة المحمودة الموصلة إلى تحصيل المقاصد، والانتفاع بها عند حاجة الوطن إليها.
ويقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: علموا أولادكم السباحة والرمي والفروسية.
فاللهم ارزقنا القوة في أبداننا، والسلامة في أجسادنا، ووفقنا جميعا لطاعتك وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته, عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم،
وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل.
أما بعد: فيا أيها المصلون: لقد اهتمت دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماما كبيرا بالرياضة، فأنشأت النوادي والصالات الرياضية والملاعب، وجهزتها على أحسن صورة وأفضلها، ووفرتها للجميع من أجل استخدامها والاستفادة منها، ونظمت الاحتفالات والعروض، وأقامت المسابقات المحلية والعالمية، وأنشأت المماشي بالقرب من الطرق والشوارع، وحول الحدائق والمتنزهات، للمحافظة على الصحة والعناية بالجسم، واللياقة البدنية، وبناء جسم قادر على التحمل والعمل والعطاء.
فلنحفز أبناءنا على ممارسة الرياضة، فالجسم الصحيح خير معين لصاحبه على خدمة نفسه وأهله ووطنه، والمجتمع القوي النابض بالحركة أدعى إلى البناء، وأقرب إلى تحقيق الطموحات والإنجازات. فهل نمارس الرياضة ونداوم عليها؟
وهل نشجع أبناءنا على الرياضة؟
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال تعالى:( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم ارحم شهداء الوطن وقوات التحالف الأبرار، وأنزلهم منازل الأخيار، وارفع درجاتهم في عليين مع النبيين والصديقين، يا عزيز يا كريم.
اللهم اجز خير الجزاء أمهات الشهداء وآباءهم وزوجاتهم وأهليهم جميعا، اللهم انصر قوات التحالف العربي، الذين تحالفوا على رد الحق إلى أصحابه، اللهم كن معهم وأيدهم، اللهم وفق أهل اليمن إلى كل خير، واجمعهم على كلمة الحق والشرعية، وارزقهم الرخاء يا أكرم الأكرمين.
اللهم انشر الاستقرار والسلام في بلدان المسلمين والعالم أجمعين.
اللهم ارض عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين.
اللهم إنا نسألك الجنة لنا ولوالدينا، ولمن له حق علينا، وللمسلمين أجمعين.
اللهم وفق رئيس الدولة، الشيخ خليفة بن زايد، وأدم عليه موفور الصحة والعافية، واجعله يا ربنا في حفظك وعنايتك، ووفق اللهم نائبه وولي عهده الأمين لما تحبه وترضاه، وأيد إخوانه حكام الإمارات.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحم الشيخ زايد، والشيخ مكتوم، وشيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، وأدخل اللهم في عفوك وغفرانك ورحمتك آباءنا وأمهاتنا وجميع أرحامنا ومن له حق علينا.
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.
اللهم احفظ دولة الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها الأمن والأمان يا رب العالمين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض.
عباد الله:( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).
ــــــــــ
تنبيه وارد من الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف
أيها المسلمون: تدعو الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف الراغبين في أداء مناسك الحج لهذا العام للمبادرة إلى التسجيل في النظام الإلكتروني للحج مصطحبين معهم الهوية وجواز السفر معا لدى المراكز المعتمدة، وهي:
- فروع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف.
- دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي وفرعيها.
- دائرة الشؤون الإسلامية بالشارقة وفروعها.
- مكاتب (تسهيل) التابعة لوزارة الموارد البشرية والتوطين.
- مراكز (تم) للخدمات الحكومية المتكاملة بالمنطقة الغربية. وسيبدأ التسجيل للحج اعتبارا من يوم الأحد الموافق 12/3/2017م وسينتهي في 13/4/2017م.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.