الخميس، 19 أبريل 2018

مجلس النبي صلي الله عليه وسلم..خطبة الجمعة اليوم بجميع مساجد الدولة


الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَفَّ مَجَالِسَ الْخَيْرِ بِالْبَرَكَاتِ، وَجَعَلَهَا سَبَبًا لِنَيْلِ الْأَجْرِ وَالْحَسَنَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، أَحْسَنُ النَّاسِ حَدِيثًا، وَأَوْقَرُهُمْ مَجْلِسًا، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ). 
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: رِيَاضٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، تَتَنَزَّلُ فِيها السَّكِينَةُ، وتَغْشَاهَا الرَّحْمَةُ، وتَحُفُّهَا الملائِكةُ، وَيَذْكُرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَهْلَهَا فِيمَنْ عِنْدَهُ، تِلْكَ هِيَ مَجَالِسُ الذِّكْرِ والإيمانِ، يقولُ رسولُ اللهِ : « إذا مَرَرْتُم بِرِيَاضِ الجَنَّةِ فَارْتَعُوا، قالوا: ومَا رِياضُ الجَنَّةِ؟ قال: حِلَقُ الذِّكْرِ». وَقَدْ عَظَّمَ اللهُ تِلْكَ المجالسَ، فَذَكَرَ شيئًا مِنْ آدابِها فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ). وَالْمَجْلِسُ الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ هُوَ مَجْلِسُ رَسُولِ اللَّهِ . وَاجْتِمَاعُ النَّاسِ فِي الْمَجَالِسِ عَادَةٌ عَرَبِيَّةٌ أَصِيلَةٌ، وَخَصْلَةٌ مُتَرَسِّخَةٌ نَبِيلَةٌ؛ عُرِفَتْ عِنْدَ الْعَرَبِ بِدَارِ النَّدْوَةِ أَوِ النَّادِي، وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:( فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ). أَيْ مَجْلِسَهُ الَّذِي يَجْمَعُ فِيهِ أَصْحَابَهُ. يَقُولُ أَحَدُ الشُّعَرَاءِ يَمْتَدِحُ بَعْضَ الْعَرَبِ: وَإِنْ جِئْتَهُمْ أَلْفَيْتَ حَوْلَ بُيُوتِهِمْ مَجَالِسَ قَدْ يُشْفَى بَأَحْلَامِهَا الْجَهْلُ وَامْتِدَادًا لِهَذِهِ الْعَادَةِ الْحَمِيدَةِ فَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ مَجْلِسٌ يَجْلِسُ فِيهِ مَعَ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؛ يُحَادِثُهُمْ وَيُؤَانِسُهُمْ، وَيُعَلِّمُهُمْ أُمُورَ دِينِهِمْ. فَكَيْفَ كَانَ مَجْلِسُهُ ؟ لَقَدْ كَانَ مَجْلِسُ النَّبِيِّ مَجْلِسَ أَخْلَاقٍ وَعِلْمٍ، وَوَقَارٍ وَحِلْمٍ؛ يُولِيهِ اهْتِمَامًا بَالِغًا، فَيَسْتَعِدُّ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ؛ لِيَلْقَى جُلَسَاءَهُ وَوُفُودَهُ بِحُسْنِ السَّمْتِ، وَجَمِيلِ الْهِنْدَامِ؛ فَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةً وَقَالَتْ: هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ كَانَ يَلْبَسُهَا لِلْوُفُودِ. وَالْجُبَّةُ ثَوْبٌ وَاسِعُ الْأَكْمَامِ يُلْبَسُ فَوْقَ الثِّيَابِ. فَكَانَ يَسْتَقْبِلُ ضُيُوفَهُ فِي مَجْلِسِهِ، وَيَحْتَفِي بِقُدُومِهِمْ، وَيُرَحِّبُ بِهِمْ؛ فَحِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ لَهُمْ:« مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ». وَقَدْ وَصَفُوا اسْتِقْبَالَ النَّبِيِّ لَهُمْ، وَفَرَحَ أَصْحَابِهِ بِهِمْ، فَقَالُوا: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَاشْتَدَّ فَرَحُهُمْ بِنَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ أَوْسَعُوا لَنَا، فَجَلَسْنَا فَرَحَّبَ بِنَا النَّبِيُّ وَدَعَا لَنَا، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْنَا. وَمَا حَيَّاهُ أَحَدٌ فِي مَجْلِسِهِ بِتَحِيَّةٍ إِلَّا رَدَّ عَلَيْهِ التَّحِيَّةَ بِأَفْضَلَ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا، عَمَلًا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا). وَبَعْدَ أَنْ يُرَحِّبَ بِضُيُوفِهِ وَيُحَيِّيَهُمْ يَجْلِسُ بَيْنَهُمْ مُتَوَاضِعًا، وَهُمْ جُلُوسٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي مَهَابَةٍ وَوَقَارٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ أَكْثَرُهُمْ وَقَارًا، وَأَعْظَمُهُمْ خُلُقًا؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي وَصْفِهِ :( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ). وعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَالَسْتُ رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرَ مِنْ ماِئَةِ مَرَّةٍ، كَانَ طَوِيلَ الصَّمْتِ، يَسْتَمِعُ إِلَى جُلَسَائِهِ. وَلَمْ يَخْلُ مَجْلِسُ رَسُولِ اللَّهِ مِنَ التَّبَسُّمِ وَالْمُؤَانَسَةِ، فكَانَ أَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَتَنَاشَدُونَ عِنْدَهُ الشِّعْرَ أَحْيَانًا، وَيَذْكُرُونَ الشَّيْءَ مِنْ أُمُورِهِمْ، وَيَتَبَسَّمُ مَعَهُمْ . وَفِي مَجْلِسِهِ يَحْضُرُ الْكِبَارُ وَالصِّغَارُ؛ حِرْصًا علَى تَعَلُّمِ أُمُورِ دِينِهِم، وَزَرْعِ الْقِيَمِ الدِّينِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ، فَكَانَ يُجِلُّ كِبَارَ السِّنِّ وَأَصْحَابَ الْمَكَانَةِ، وَيَخُصُّهُمْ بِمَزِيدٍ مِنَ التَّوْقِيرِ وَالْعِنَايَةِ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا قَدِمَ الْأَشَجُّ - وَهُوَ كَبِيرُ قَوْمِهِ- عَلَى رَسُولِ اللَّهِ أَوْسَعَ لَهُ الصَّحَابَةُ الْكِرَامُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَرَحَّبَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ وَقَرَّبَهُ. كَمَا كَانَ يُقَرِّبُ الصِّغَارَ، فَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ جَلَسَ هُوَ وأَصْحابُهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ. وَذَلِكَ لِيَتَعَلَّمَ الصِّغَارُ فِي مَجَالِسِ الْكِبَارِ. وَكَانَ لِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِنْ مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ ؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ، تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :« اجْتَمِعْنَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا». فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ فِي مَجْلِسِهِ مِضْيَافًا كَرِيمًا، يُضَيِّفُ جُلَسَاءَهُ وَيُكْرِمُهُمْ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ جُلُوسٌ إِذْ أُتِيَ بِجُمَّارِ نَخْلَةٍ أَيْ قَلْبِهَا وَلُبِّهَا- وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ الطَّعَامِ وَأَطْيَبِهِ- فَقَدَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ لِجُلَسَائِهِ. أَيُّهَا الْمُقْتَدُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ : لَقَدْ كَانَ مَجْلِسُ النَّبِيِّ مَجْلِسَ عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ، تَعَلَّمَ فِيهِ الصَّحَابَةُ الْكِرَامُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ؛ قَالَ تَعَالَى:( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ). فَكَانَ يَتْلُو عَلَيْهِمْ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ؛ فَعَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ مَعَ النَّبِيِّ فَإِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ قَرَأَهُ عَلَيْنَا. وَفِيهِ كَانَ يُجِيبُ مَنْ سَأَلَ، وَيُنَبِّهُ مَنْ غَفَلَ؛ فَعَنْ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجْفُو عَنْ أَشْيَاءَ، أَيْ: أَجْهَلُهَا فَعَلِّمْنِي فَعَلَّمَهُ . 
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: نَحْنُ فِي شَهْرٍ مُبَارَكٍ، هُوَ شَهْرُ شَعْبَانَ، وَكَانَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ أَنْ يُكْثِرَ الصَّوْمَ فِيهِ، فَلَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ».فَاللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِلاِقْتِدَاءِ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ فِي بُيُوتِنَا وَمَجَالِسِنَا، وَفِي جَمِيعِ شُؤُونِنَا، وَوَفِّقْنَا جَمِيْعًا لِطَاعَتِكَ، وَطَاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا بِطَاعَتِهِ، عَمَلًا بِقَوْلِكَ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ. نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ 

فَضْلُ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ 

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. 
أمَّا بَعْدُ: فأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْحِرْصِ عَلَى مَجَالِسِ الْخَيْرِ، ومِنْها المجالِسُ التي تَتَعَلَّمُ فيها الأجْيَالُ اللُّغَةَ العربيةَ التي شَرَّفَها اللهُ عِندما اختارها مِنْ بَيْنِ لُغَاتِ الأرضِ لِتكُونَ لُغَةَ كتابِه العزيزِ الذي لا يَأتِيهِ الباطلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ولا مِنْ خَلْفِهِ، قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). وقال تعالى: (قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) . وَلَوْ لَمْ تَكُنِ اللغةُ العربيةُ مِنَ القُوَّةِ والرَّوْعَةِ والكمالِ والجمالِ والجلالِ لَمَا اختارها اللهُ لِتَكُونَ وِعاءً لِسُوَرِ القرآنِ الكريمِ وآياتِه، فهي التي عَبَّرَتْ عن معاني القرآنِ الكريمِ، وهي التي شَرَحَتْ مَقَاصِدَه، وهي التي فَصَّلتْ أحكامَهُ مِنْ صلاةٍ وزكاةٍ، وصيامٍ وحَجٍّ، وبُيُوعٍ ومُعاملات، وزواجٍ وطلاقٍ، ومَواريثَ ووصايا، وجِناياتٍ وحُدُودٍ، ودَعْوةٍ وجِهادٍ، وأَيْمانٍ ونُذُورٍ، وأَقْضِيَةٍ وشَهاداتٍ. واللغةُ العربيةُ هي التي نَقَلَتْ لنا قَصَصَ الأنبياءِ والمُرْسَلِينَ، مِنْ آدَمَ عليه السلامُ إلى خاتَمِ النبيينَ . واللغةُ العربيةُ هي التي وَصَفَتْ لنا قُدْرَةَ اللهِ الذي يُدَبِّرُ الأمرَ مِنَ السماءِ إلى الأرضِ خَلْقًا ورِزْقًا، وإحياءً وإماتةً، ورَفْعًا وخَفْضًا. واللغةُ العربيةُ هي لُغَةُ الأذانِ الذي هو شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الإِسلامِ، وبِهِ يُنادَى علَى المسلمينَ في كُلِّ يومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ لِيَقُوموا للهِ قانتِين. 
عِبَادَ اللهِ: إنَّ اللغةَ العربيةَ حَيَّةٌ لا تَمُوت، باقِيةٌ لا تَنْدَثِر، مَحفوظةٌ بِحِفْظِ اللهِ لِلذِّكْرِ الذي نَزَّلَهُ بِهذه اللغةِ، قال تعالى:(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ). إنَّ إعْزازَ اللغةِ العربيةِ وتَعْظِيمَها تعظيمٌ لِشعائِرِ اللهِ، وإنَّ مِنْ إعزازِها وتعظيمِها أن نحْرِصَ علَى تَعَلُّمِهَا وتَعْلِيمِها والتَّحَدُّثِ بِها، وأن نُمَكِّنَ لها في بُيُوتِنا ومدارِسِنا وجَامعاتِنا ومؤسَّسَاتِنا لأنَّها تُمَثِّلُ شَخْصِيَّتَنَا وتُعَبِّرُ عَنْ هُوِيَّتِنَا. هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى:( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :« مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ، إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً». أَيْ : حَسْرَةً وَنَدَامَةً. فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ الْأَكْرَمِينَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَجَالِسَنَا بِالْعِلْمِ عَامِرَةً، وَبِالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ حَافِلَةً، وَبِالْخُلُقِ الْحَمِيدِ وَالْوَقَارِ وَافِرَةً. اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، اللَّهُمَّ مَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا. اللَّهُمَّ ارْحَمْ شُهَدَاءَ الْوَطَنِ الْأَوْفِيَاءَ، وَارْفَعْ دَرَجَاتِهِمْ فِي عِلِّيِّينَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ، وَاجْزِ أُمَّهَاتِهِمْ وَآبَاءَهُمْ وَزَوْجَاتِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ جَمِيعًا جَزَاءَ الصَّابِرِينَ يَا سَمِيعَ الدُّعَاءِ. اللَّهُمَّ انْصُرْ قُوَّاتِ التَّحَالُفِ الْعَرَبِيِّ، الَّذِينَ تَحَالَفُوا عَلَى رَدِّ الْحَقِّ إِلَى أَصْحَابِهِ، اللَّهُمَّ كُنْ مَعَهُمْ وَأَيِّدْهُمْ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَهْلَ الْيَمَنِ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْمَعْهُمْ عَلَى كَلِمَةِ الْحَقِّ وَالشَّرْعِيَّةِ، وَارْزُقْهُمُ الرَّخَاءَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ. اللَّهُمَّ انْشُرِ الاِسْتِقْرَارَ وَالسَّلاَمَ فِي بُلْدَانِ الْمُسْلِمِينَ وَالْعَالَمِ أَجْمَعِينَ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنا مِنْهُ وَمَا لَمْ نعْلَمْ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ . اللَّهُمَّ وَفِّقْ رَئِيسَ الدَّوْلَةِ، الشَّيْخ خليفة بن زايد، وَأَدِمْ عَلَيْهِ ‏مَوْفُورَ الصِّحَّةِ ‏وَالْعَافِيَةِ، وَاجْعَلْهُ يَا رَبَّنَا فِي حِفْظِكَ وَعِنَايَتِكَ، ‏وَوَفِّقِ اللَّهُمَّ نَائِبَهُ الشَّيْخ محمد بن ‏راشد لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، ‏وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ وأولياءَ عُهُودِهِمْ أَجْمَعِينَ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الشَّيْخ زَايِد، وَالشَّيْخ رَاشِد، وَالشَّيْخ مَكْتُوم، وَشُيُوخَ الإِمَارَاتِ الَّذِينَ انْتَقَلُوا إِلَى رَحْمَتِكَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمْ رَحْمَةً وَاسِعَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَأَفِضْ عَلَيْهِمْ مِنْ خَيْرِكَ وَرِضْوَانِكَ. وَأَدْخِلِ اللَّهُمَّ فِي عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا. اللَّهُمَّ احْفَظْ لِدَوْلَةِ الْإِمَارَاتِ اسْتِقْرَارَهَا وَرَخَاءَهَا، وَبَارِكْ فِي خَيْرَاتِهَا، وَأَدِمْ عَلَيْهَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا وَاسِعًا شَامِلًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ. اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ. وَأَقِمِ الصَّلاَةَ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق