الحمد لله الكريم الوهاب، يحب من عباده الخير، ويثيبهم عليه جزيل الأجر والثواب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، معلم الناس الخير، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال سبحانه وتعالى:( فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون).
أيها المصلون: مع إطلالة عام جديد نتوجه إلى الله عز وجل بالدعاء أن يجعله عام خير وسعادة، وعام رخاء وبركة، وسلام وطمأنينة علينا وعلى جميع بني الإنسان، وإنه لعام خير بإذن الله تعالى، وهذا من التفاؤل الذي يحبه النبي صلى الله عليه وسلم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن. وهو من حسن الظن بالله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم :« قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء». وفي رواية :«فإن ظن بي خيرا فله الخير، فلا تظنوا بالله إلا خيرا».
وإن الله جلت حكمته، ووسعت رحمته، أمرنا بفعل الخير، فقال سبحانه:( وافعلوا الخير لعلكم تفلحون). وحثنا على المسارعة إلى الخيرات والمبادرة إليها، فقال تعالى:( فاستبقوا الخيرات). وهي طاعة الله عز وجل والإحسان إلى خلقه، وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم :« اللهم إني أسألك فعل الخيرات». وإن فعل الخيرات والمسارعة إليها من أعظم الفضائل أثرا، وأبقاها ذخرا، وأكثرها أجرا، وهو من أسمى الغايات، وأنبل المقاصد، يسمو به الإنسان إلى أعلى الدرجات، فتزكو نفسه، وتحسن أخلاقه، ويعظم أجره، وقد مدح الله تعالى المسارعين في الخيرات، فقال سبحانه:( ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين* وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين). أي إن الذين يبادرون إلى الخيرات هم من الصالحين، وسيجزيهم ثوابهم أوفر ما يجزي به العاملين، فلا يخفى عليه عمل عامل، ولا يضيع عنده أجر من أحسن عملا. وإن كان قليلا، قال سبحانه:( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره). أي: فمن عمل في الدنيا وزن ذرة من خير، وجد ثوابه. ولا يحرم الأجر من دل على الخير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من دل على خير فله مثل أجر فاعله». وإنما استحق مثل أجره لإعانته عليه، فإن حصل ذلك الخير فله مثل ثوابه، وإلا فله ثواب دلالته. وفي ذلك تحفيز للناس وتشجيع لهم؛ ليقبلوا على الخير، فينشروه في مجتمعاتهم وأوطانهم، ويعززوا التكافل بين الناس، فيقوى التلاحم المجتمعي، وتسود الألفة والمحبة.
يا أهل الخير: إن أفعال الخير كثيرة ومتنوعة، وتشمل كل عمل صالح نافع، فالقيام بالمسؤولية المجتمعية والعمل على تقوية المجتمع ورقيه من أعمال الخير، والإنفاق على الوالدين والأقربين، والفقراء والمساكين يورث الخير، قال تبارك وتعالى:( يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم). فهذا الباب من الخير سبب لسعة الرزق، ورغد العيش، والبركة في العمر. ومن طرق الخير رعاية الأيتام، وإصلاح شؤونهم قال سبحانه:( ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير). وكذلك التيسير على المعسرين، والتفريج عنهم؛ له أجر كبير في الدنيا والآخرة حيث يثيب الله عز وجل فاعل الخير بتيسير أمره، وتفريج كربه، قال جل شأنه:( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون). وإن تقديم الدعم للمؤسسات الخيرية من البر والإحسان، سواء بالزكاة أو الصدقات، سرا أو علانية، قال سبحانه:( إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم).
أيها المصلون: إن العمل التطوعي خير ما يقدمه المرء لنفسه في الدنيا، ويدخره عند ربه في الآخرة، قال سبحانه:( ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم). أي: من تطوع خيرا فإن الله عز وجل يثيب على القليل بالكثير. فكلما قدمنا الخير لخلق الله؛ زادنا ربنا سبحانه من نعمه وخيراته أضعافا كثيرة، قال عز وجل:( من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون). فالحسنة عند الله تعالى مضاعفة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف».
وقد دعانا النبي صلى الله عليه وسلم إلى نفع الناس وفعل الخير؛ فقال صلى الله عليه وسلم :« من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل». فنشر الخير بين الناس يحقق المحبة والسلام، والتلاحم والوئام، فتنشأ الأجيال معطاءة، متعاونة على البر وبذل الخير، معتزة بهويتها، قائمة بمسؤوليتها تجاه وطنها ومجتمعها، وإن فاعل الخير ينعم بعظيم الأجر، قال عز وجل:( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية* جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه).
فيا فوز من قدم الخير لوطنه، والنفع لمجتمعه، وأحسن إلى غيره.
فاللهم ارزقنا فعل الخيرات، واجعل عامنا هذا عام خير وبركات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، ووفقنا لطاعتك أجمعين، وطاعة رسولك محمد الأمين صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم،
وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها المصلون: إن أهم ما نتواصى به تقوى الله عز وجل، والتواصي بفعل الخير، فمنذ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة وأعوامها تفيض بالخير والمحبة والعطاء، فسطرت إنجازات عالمية في العطاء حتى أصبحت قيمة الخير من أبرز مميزات الشخصية الإماراتية، وترسخ موقعها الريادي على المستوى الاقتصادي والإنساني، حيث جعلت الإنسان محور اهتمامها وعنايتها، وقد جاء عام الخير الذي أطلقه رئيس الدولة حفظه الله ليعكس النهج الذي تبنته الإمارات في العطاء الإنساني، وتقديم الخير للجميع دون مقابل، وبادرت اللجنة الوطنية المعنية بوضع إطار شامل لعام الخير يهدف إلى: ترسيخ المسؤولية المجتمعية، وتعزيز العمل التطوعي لدى كل من يقيم على أرض الإمارات، بالشراكة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي؛ لتدعيم العمل الخيري والتطوعي في الدولة، ذلك أن خدمة الوطن والمجتمع مسؤولية مشتركة بين الحكومة والأفراد القادرين والقطاع الخاص، وإن مبادرات عام الخير سيكون لها الأثر الإيجابي الكبير في الارتقاء بحجم المساعدات الخيرية والإنسانية والطرق الحضارية في إيصالها وتقديمها، وإحداث تغيير في سلوك الأجيال في التعبير عن الوفاء للوطن، ومحبته والتفاني في خدمته.
وفي عام الخير على المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والأفراد من مواطنين ومقيمين القيام بالدور الخيري والتطوعي الذي يساهم في فعل الخير داخل المجتمع الإماراتي وخارجه.
فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القائل:« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا».
اللهم إنا نسألك من الخير كله، عاجله وآجله، اللهم اجعل عامنا هذا عام خير ورخاء، وسعادة وهناء.
اللهم ارحم شهداء الوطن وقوات التحالف الأبرار، وأنزلهم منازل الأخيار، وارفع درجاتهم في عليين مع النبيين والصديقين، يا عزيز يا كريم. اللهم اجز خير الجزاء أمهات الشهداء وآباءهم وزوجاتهم وأهليهم جميعا، اللهم انصر قوات التحالف العربي، الذين تحالفوا على رد الحق إلى أصحابه، اللهم كن معهم وأيدهم، اللهم وفق أهل اليمن إلى كل خير، واجمعهم على كلمة الحق والشرعية، وارزقهم الرخاء يا أكرم الأكرمين. اللهم انشر الاستقرار والسلام في بلدان المسلمين والعالم أجمعين.
اللهم ارض عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين.
اللهم إنا نسألك الجنة لنا ولوالدينا، ولمن له حق علينا، وللمسلمين أجمعين.
اللهم وفق رئيس الدولة، الشيخ خليفة بن زايد، وأدم عليه موفور الصحة والعافية، واجعله يا ربنا في حفظك وعنايتك، ووفق اللهم نائبه وولي عهده الأمين لما تحبه وترضاه، وأيد إخوانه حكام الإمارات.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحم الشيخ زايد، والشيخ مكتوم، وشيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، وأدخل اللهم في عفوك وغفرانك ورحمتك آباءنا وأمهاتنا وجميع أرحامنا ومن له حق علينا.
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.
اللهم احفظ دولة الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها الأمن والأمان يا رب العالمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض.
عباد الله:( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق